تعيش تونس منذ سنة 2011 وضعا غريبا ومعقدا، حيث تواجه البلاد أحلك فتراتها، ذلك أنها تعاني بسبب تتواتر أزمتها السياسية والاقتصادية المقترنة بالأزمة العالمية لفيروس كورونا الذي عصف بكامل دول العالم منذ منصف السنة الحالية،وقد جعل البلاد تدخل في مصاعب مالية واقتصادية مربكة بالتوازي مع الأزمة الاجتماعية الخانقة للحكومات المتتالية منذ سنة 2011 جعلت البلاد تسير على سكة الإفلاس بحسب خبراء الاقتصاد المهتمين بالمشهد العام بالبلاد وعلى دراية بوضعها المالي، خاصة بعد دخول وباء كرونا للبلد، فبينما تشهد الدولة التونسية أزمة بطالة خانقة خاصة في صفوف أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل حسب الإحصائيات الرسمية، تشكو البلاد أزمة اقتصادية نتيجة الأوضاع العالمية والمحلية عمقتها توقف بعض القطاعات الحيوية عن العمل، كقطاع المحروقات والفسفاط، باعتبارهما من الأسباب المباشرة للأزمة المالية، لتتحول هذه القطاعات من مصادر تمويل لخزينة الدولة الى قطاعات تثقل كاهل الدولة وتمهد لها طريق الإفلاس حيث انخفض معدل إنتاج المجمع الكيميائي بقفصة من 100% سنة 2010 إلى 34% سنة 2018 هذا الى جانب تواصل اعتصام ”الكامور” بولاية تطاوين ومنع المعتصمين السلط المعنية من اجراء عمليات الصيانة والإصلاح في محطة الضخ بالكامور، للتتضاعف الخسائر المادية التي تتكبدها الشركات المنتصبة بالجنوب التونسي والدولة على حد السواء خاصة مع احالة أغلب العمال على البطالة الفنية، فضلا عن الخوف من خسارة الانتاج في بعض الابار نهائيا بالتوازي مع خسارة بعض الأسواق التقليدية للدولة، وقد عمق الأزمة تعطل العمل بمشروع تطويرحقل نوارة والذي سيوفر 2.7 مليون لتر مكعب من الغاز وهو اليوم متوقف في الجزء الموجود بتطاوين بعد ان غادر العاملون المكان منذ شهر افريل الماضي و تجدر الاشارة الى أن ولاية تطاوين وحدها توفر حوالي 40 % من انتاج النفط و حوالي 20 بالمائة من انتاج الغاز، حيث تقدر الخسائر اليومية التى تنجر عن توقف الانتاج بحوالي 3 مليون دينار وفق المصادر الرسمية للحكومة التونسية.
ان جميع المؤشرات اليوم لا تنبئ سوى بوجود حل لا بديل عنه، وهو الابتعاد عن سياسة الاقتراض التي انتهجها النظام قبل 2011 وتواصلت تلك السياسة مع الحكومات المتعاقبة منذ 2011 والى حد اليوم وأن تمضي البلاد نحو معالجة وهنها السياسي والاجتماعي والاقتصادي لاستعادة نسق إنتاجها وتصديرها واستثمارها المعطل لخلق الثروة والبحث عن أسواق جديدة عوضا عن الأسواق القديمة بالتوازي مع ذلك وضع استراتيجية واضحة لمقاومة الفساد الذي أصبح يجري مجري الدم في العروق وسرطان ينخر في جميع المجالات الى جانب مقاومة التهرب الضريبي حتي لا تتحول البلاد الى جنة ضريبية تهدد أمنها القومي.
فاخر بن عبد القادر