تعيش البلاد التونسية حالة من التدهور الاقتصادي والمالي منذ انطلاق وباء كورونا وحتى ما قبلها وهو ما أثر سلبا على أكثر من 50 % من الشركات الصغرى والمتوسطة والناشئة والتي تلعب دورا هاما في النسيج الاقتصادي التونسي.
أزمة مالية كبرى عصفت بأصحاب المشاريع بمختلف أصنافهم،حيث وجد بعضهم نفسه يعيش الموت الاكلينيكي الاقتصادي لشركته دون انعاش يذكر من الدولة أو البنوك، والبعض الاخر وجد نفسه بين اروقة المحاكم ومراكز الشرطة والاخر وجد نفسه بين القضبان نتيجة حكم قضائي بالنفاذ العاجل من أجل اصدار شيك دون رصيد…. والاخر وجد نفسه داخل مركب بحري متجها نحو ايطاليا هربا من السجون التونسية ليجد نفسه داخل السجون الاوروبية أو ليكون طعاما امنا للحوت داخل قاع البحر….
البعض الاخر ايضا من ضحايا الشيكات والازمة الاقتصادية وجد نفسه دون منزله وأملاكه بعد أن قام ببيعها من اجل التسديد خوفا من السجن، والبعض الاخر انتهى به الأمر الى الطلاق والتشتت العائلي والجنون وحتى الى الانتحار….
كلها حالات متنوعة ومختلفة وكل حالة تتطلب كتابة الف سطر وسطر حولها ،علما وان المرصد التونسي للخدمات المالية أكد عن رصده لأكثر من مليونين و400 الف قضية منشورة لدى المحاكم، يتعلق قرابة نصفها بشيكات دون رصيد، من المستحيل فضها ببنية تحتية مهترئة وعدد قضاة لا يفي بالحاجة.
عدد هام من أصحاب المشاريع والأعمال الحرة أطلقوا صيحة فزع نتبجة هذه الأزمة والتي مثلت كابوسا مزعجا لهم ولعائلاتهم خاصة بعد أن اضطر عدد منهم الى الهروب من تونس والغلق النهائي لمؤسسته وهناك من بقي يقاوم رغم الافلاس وتكلفة فاتورة المقاومة في وقت تخلت فيه الدولة عنهم……وخاصة إن الأحكام القضائية المتعلقة بالشيكات تشهد ارتفاعا مهولا ولعل اخرها اصدار المحكمة الابتدائية بصفاقس1, بتاريخ 22 سبتمبر 2021 حكما قضائيا يقضي بسجن رجل أعمال لمدة 85 سنة مع النفاذ العاجل من أجل اصدار شيكات دون رصيد…
هذا وللتذكير فقد صادقت لجنة التشريع العام بالبرلمان في 30 جوان 2021 على مشروع القانون المتعلق بالشيكات في صيغته المعدلة برمته.
وسيمكّن هذا المشروع من إلغاء العقوبات السجنية وتعويضها بخطايا مالية كما أن رفع الدعاوى في قضايا الشيكات سيكون مباشرة من المتضرر وليس من البنوك كما هو معمول به الآن.
وكان سيدخل تطبيق بنود مشروع القانون بعد ستة أشهر من تاريخ صدور القانون بالرائد الرسمي ودخوله حيز النفاذ….
الاف المؤسسات تعيش الموت والألم اليومي نتيجة الشيكات ونتيجة الازمة المالية الخانقة بتونس وسط صمت الدولة التونسية،فهل يضع قيس سعيدا حدا لقضايا الشيكات دون رصيد عبر ايجاد صيغة لتسوية وضعياتهم المالية ام سيتواصل المشكل ويتفاقم عبر بناء سجون جديدة لتستقبل الاف الأشخاص المحكومين غيابيا والمتعلقة بهم قضايا في النفاذ العاجل من أجل اصدار شيكات دون رصيد.. ؟
علي البهلول