في رواية الشحاذ يشير نجيب محفوظ على لسان بطله مخاطبا ابنته “يمكنك ان تكوني شاعرة وفي ذات الوقت مهندسة ” وهذا في اطار ربط العلاقة بين ماهو علمي وثقافي …وهو بالاساس ما ينطبق على ضيفة ” نيوز براس” هذا المساء في مراوحتها الحياتية ومزجها في حياتها بين الهندسة والثقافة والفن والأدب.
انها الفنانة والمهندسة التونسية فرح المستيري كانون، مهندسة في الصناعات الكيميائية، مديرة البحث والتطوير في شركة خاصة، فنانة وعازفة متميزة، انضمت باكرا الى النوادي الموسيقية المدرسية ومنها الى المعهد الجهوي للموسيقى بصفاقس وصولا الى نادي الاصيل ونادي شمس الأصيل للموسيقى العربية لتحط الرحال منذ سنوات قليلة في مجموعة حلم ..وهي فنانة متحصلة على ديبلوم الموسيقى العربية ولها عدة انتاجات مشتركة ضمن الفرق الموسيقية التي نشطت بها…الى جانب كونها صاحبة المشروع الثقافي دار الفنون برج كانون بصفاقس منذ سنة 2017 والذي كان بدعم من زوجها الدكتور خالد كانون.
هذه الأيام تستعد رفقة مجموعة حلم الى أحياء عرض فني موسيقي بفضاء المسرح البلدي بصفاقس والتي ستكون مداخيله موجهة لجمعية رحمة للأطفال مرضى السرطان.
حول مسيرتها الممتزجة بين العلم والفن والانخراط في المجتمع المدني كان “لنيوز براس” مراوحة صحفية معها اين خرجنا بالحوار التالي:
*مساء النور أولا سيدتي الكريمة وثانيا اي تواشج هذا بين العلمي والفني؟
-شكرا لنيوز براس على الاستضافة اللطيفة أولا وثانيا منذ نعومة أظافري وأنا في تواصل واتصال بين العلم والفن باعتبار اننا نعيش في الفن طوال حياتنا ولا يمكن البتة الابتعاد عنه،ومهنتي كمديرة في البحث والتطوير تقوم اساسا على الفن والابداع، بدون ابداع لا يمكن أن تتطور الحياة والفن يقوم على الابداع وبالتالي اجد نفسي منخرطة في التعاطي الفني مع العلمي والهندسي، وأنا أرى نفسي في مرحلة الهواية الفنية رغم السنين التي قضيتها بين الفرق وبين الالات الموسيقية فان تكون محترفا ليس بالأمر الهين والمشترك الذي يجمعنا في حلم هو أننا نمتهن مهن مختلفة ويجمعنا الفن اخر اليوم أو اخر الاسبوع فالفن هو المتنفس الذي بقيّ لنا لمحاربة كم الرداءة التي نعيشها…
*الملاحظ للأعمال التي تقدمها مجموعة حلم قيامها على اعادة احياء الاغنية التونسية والعربية،فهل هذا عائد الى الزمن الجميل ام انها فلسفة خاصة؟
-فعلا هو الحنين والفلسفة الخاصة في علاقة بالقطع مع كل اشكال الرداءة التي نعيشها في مختلف المجالات وخاصة في المجال الفني ،نحن نسعى الى حسن اختيار الكلمة والى حسن اختيار اللحن، نسعى الى اعادة تطوير الاغنية التونسية والعربية لحنا وكلمة وانتاجا وتوزيعا، نسعى الى تقديم الجودة في أعمالنا بكل حكمة ورصانة وليست غايتنا البحث عن “البوز” بل غايتنا على ترسيخ قيم فنية تستجيب للذائقة التونسية والعربية.
*هل تعني أن الساحة الموسيقية اليوم تقوم على “الكومرسيال”؟
-لست مخولة للتقييم ، فالتقييم له نقاده وأهله ولكن ليس بالضبط،وبكل تواضع هنالك اصوات تونسية في طريقها الى التميز من خلال الأداء الرائع والكلمة الرائعة واللحن المميز والتوزيع وهنالك من اراد ان يشق طريقه تجاريا دون مبالاة بالجودة، نحن بحاجة الى أعطاء الفرصة امام الاكاديميين والباحثين في الشأن الموسيقي لكي يتسنى لهم الغوص في معالم العلوم الموسيقية وهو من شانه ان يطور المجال الموسيقي التونسي والعربي، لأنه لدينا طاقات بحثية واكاديمية فاعلة في المجال الموسيقي.
*ماذا عن حلم وسهرة 27 ماي 2022 ؟
-حلم سيكون مدار فني بامتياز سيجتمع حوله 16 عنصرا على ركح المسرح البلدي بصفاقس بقيادة المايسترو راسم دمق واشرف الميلادي من خلال تقديم باقة من العروض الموسيقية والاغاني المتميزة تونسيا وعربيا ،وقد قمنا منذ سنتين بتقديم عرض مميز نال اعجاب الجمهور والمتابعين ونتيجة الكورونا توقف، والعرض ستكوم مداخيله لفائدة جمعية رحمة للاطفال المرضى بالسرطان شفاهم الله.
*هل من دعم في سبيل مواصلة رسالتكم الفنية والخيرية؟
-لقد ألينا على أنفسنا منذ البداية على تحمل مسؤوليتنا، فالدعم العمومي مفقود ونحن نسعى بكل وسائلنا الى مواصلة وحلمنا ولطالما “مزال الخير في الدنيا من القطاع الخاص” فالحلم سيتواصل.
*برج كانون أو دار الفنون ،مشروع حديث ماذا عنه؟
-فعلا هو مشروع انطلق سنة 2017 بدعم من زوجي الدكتور خالد كانون الذي عاد حينها من فرنسا بعد اكثر من 35 سنة من التدريس الجامعي في كليات الطب والصيدلة هناك وكان منخرطا منذ شبابه بالعمل الثقافي والفني واراد أن يكون برج دار كانون بين الشيحية وساقية الزيت فضاء تلتقي فيها المواهب من مختلف الاختصاصات وان يكون حاضنة ثقافية نحلم من خلالها بالأفضل ،هو فضاء يجمع بين الشعر والمسرح والسينما والرقص والموسيقى ومختلف الابداعات التعبيرية الحية .
حوار: علي البهلول